صحة عامة | الحرقة (الحموضة).. الأسباب والحلول



ربما لم يسلم أي شخص من المعاناة من الحرقة، ولكن تكرار الإصابة بها بصورة مستمرة، كأن تحدث دائماً بعد تناول الطعام مثلاً أو أثناء الاستلقاء على الفراش أو عند الانحناء إلى الأمام، قد يشير إلى مشاكل صحية قد تسبب مستقبلاً الإصابة بسرطان المريء إذا لم تعالج.

المكون الرئيسي للعصارة الهضمية هو حمض الهيدروكلوريك، الذي يتم إفرازه في خلايا خاصة في جدار المعدة من أجل تحليل الطعام الذي تم تناوله. ونظراً لاختلاف تكوين أنسجة المريء عن أنسجة المعدة، فلا يمكن للمريء التعامل مع العصارة الهضمية التي تصعد إليه من المعدة، مما يؤدي إلى الشعور بتلك المتاعب.

• الأسباب:
أرجع الدكتور بيتر ماير، من الجمعية الألمانية لأمراض الهضم والتمثيل الغذائي، سبب الإصابة بالحرقة إلى العصارة الهضمية التي تتحرك في اتجاه معاكس للطعام النازل إلى أسفل، وتصعد نحو الأعلى إلى المريء، ولذلك يطلق عليها الأطباء اسم مرض الارتجاع المعدي المريئي.

• سبب هذه المشكلة من الناحية العضوية هو عدم انغلاق العضلة العاصرة الموجودة في مدخل المعدة، والتي يفترض أن تنغلق تماماً حتى تعمل على الاحتفاظ بالعصارة الهضمية داخل المعدة.

• وحتى إذا كانت العضلة العاصرة سليمة ولا تعاني من أي اضطراب، فإنها ستفقد قدرتها على القيام بوظيفتها أيضاً عند تعرض المعدة لضغط شديد. ولذلك تحدث الإصابة بالحرقة أيضاً أثناء فترة الحمل مثلاً، دون أن يكون ذلك مؤشراً للإصابة بمرض خطير، إذ تعاني النساء الحوامل من الحرقة خلال المرحلة الأخيرة من الحمل نتيجة كبر حجم البطن وضغطه على المعدة.

• قد يرجع ارتخاء العضلات العاصرة للمريء على مستوى ارتفاع الحجاب الحاجز، إلى أسباب عضوية مثل الإصابة بفتق في الحجاب الحاجز أو زيادة الوزن أو تناول الوجبات السريعة أو الأدوية.

• إن الوقوع تحت ضغط عصبي أو سيطرة مشاعر الغضب قد يتسبب أيضاً في صعود العصارة الهضمية إلى أعلى والإصابة بتجشؤ حمضي أو حرقة في منطقة الصدر أو التهاب في الحلق نتيجة وصول هذه الأحماض إليه.

• إرشادات:
وهناك العديد من الوسائل المنزلية والأدوية المصرح بشرائها دون استشارة الطبيب، وكذلك العديد من الإرشادات المساعدة على مواجهة متاعب الحرقة، إلا أنه ليس بالضرورة أن تكون مجدية على الدوام:

• عدم تناول أية مشروبات أثناء تناول الطعام، إذ يتسبب ذلك في امتلاء المعدة وطفو الأطعمة التي تم هضمها على سطح هذه السوائل.

• عدم تناول الطعام في وقت متأخر، وذلك لإعطاء المعدة فرصة لهضم الطعام قبل الخلود إلى النوم.

• عدم الاستلقاء على الظهر بعد تناول الطعام مباشرة، بالإضافة إلى رفع الجزء العلوي من الجسم قليلاً عند النوم للحد من ارتجاع العصارة الهضمية إلى المريء.

• تناول الطعام ببطء ومضغه جيداً، والابتعاد عن تناول المشروبات والمياه الغازية.

• الابتعاد عن الأطعمة والأشربة التي تعمل على تحفيز إفراز الأحماض في المعدة كالقهوة والخمور.

• العلاج:
هذه النصائح يمكن أن تجدي نفعاً مع مرضى الحرقة في حالات معينة، إلا أن الإصابة بالارتجاع المعدي المريئي في شكله الحقيقي لا يمكن الحد من متاعبه إلا عن طريق خيارين: الأول تناول الأدوية التي تثبط إفراز الأحماض في المعدة والمعروفة باسم “مثبطات مضخة البروتون”، والثاني هو الجراحة.

• مشكلة عالمية:
تشير الرابطة الألمانية لمكافحة أمراض الجهاز الهضمي واضطرابات التمثيل الغذائي والتغذية، إلى أن الحرقة العرضية -أي التي لا تحدث بصورة مستمرة- تعد مشكلة عالمية يعاني منها الكثير من الأشخاص.

ويصاب شخص واحد من كل عشرة أشخاص ممن يعانون من ارتجاع العصارة الهضمية إلى المريء، بالتهاب المريء المعروف باسم الارتجاع المعدي المريئي، والذي يتسبب في إحداث أضرار في الغشاء المخاطي المبطن للمريء، والتي قد لا تنحصر في منطقة المريء فقط، إذ يمكن أن تصل العصارة الهضمية إلى منطقة الحلق أثناء النوم.

وحذرت الرابطة من أنه إذا وصلت بعض قطرات الأحماض هذه إلى المسالك التنفسية لدى المريض، يمكن أن يؤدي ذلك حينئذ إلى إصابته بسعال أو التهاب مزمن في الشعب الهوائية أو متاعب مشابهة لمتاعب الربو، وقد يصل الأمر إلى الإصابة بالتهابات في اللثة والأذن الوسطى.

• التهاب خطير وسرطان:
يحذر البروفيسور هاينتس بور عضو الجمعية الألمانية لجراحة البطن، من أنه كلما تكررت نوبات ارتجاع العصارة الهضمية إلى المريء، زاد خطر الإصابة بأنواع خطيرة من الالتهابات تؤدي إلى إحداث تغير مرضي في الغشاء المخاطي المبطن للمريء، وهي حالة معروفة طبيا باسم “متلازمة مريء باريت”.

وإن واحداً من كل عشرة أشخاص ممن يعانون من هذه المتلازمة يصابون بعد ذلك بسرطان المريء نتيجة التغير الحادث على أنسجته بفعل هذا المرض. وللتحقق مما إذا كان المريض مصاباً بمثل هذه الأضرار المصاحبة لحرقة المعدة أم لا، يجب إجراء منظار على المعدة.

وفي حال رفض المريض تناول الأدوية التي قد تمتد طوال الحياة، يمكن اللجوء إلى الخيار الثاني وهو إجراء عملية جراحية، حيث يتم أخذ الجزء العلوي من المعدة ولفه حول الجزء السفلي من المريء وإغلاقه به، وهذه الجراحة لا تتسبب في إحداث أي ندبات واضحة، لأنه عادة ما يقوم الجراح بإجرائها عن طريق الفم والمريء.

Leave a Reply