كتبت هذا الموضوع: د. لينة موفق دعبول
اختصــاصيـــة فـي التغـذيــــة والبـدانــــة
يكون الصائم بانتهاء شهر رمضان قد اعتاد على نمط تغذوي ومعيشي مغاير كثيراً لذلك النمط المتبع طوال العام.. إذ يعتاد الجهاز الهضمي تنيجة للصوم على عدم استقبال أي طعام أو شراب طوال النهار مما يجعله في حالة راحة نهاراً، في حين يفرز العصارات الهاضمة ويتهيأ لاستقبال الطعام قبيل أذان المغرب.
وبالتالي يعاني الكثير من الصائمون أول أيام العيد – نتيجة للتغير المفاجئ في مواعيد وأساليب ونوعيات الطعام المتناول – عوارضاً صحية ناجمة عن العبء الكبير الذي قد حمّلناه لجهازنا الهضمي دون سابق تمهيد أو إنذار، فنرى أقسام الطوارئ بالمستوصفات والمستشفيات قد استنفرت كل أجهزتها لاستقبال الأعداد الكبيرة من حالات التلبك المعوي وآلام المعدة والأمعاء والانتفاخ والإسهال الحاد، وبالإضافة إلى كل ذلك كثيراً ما يرتفع عدد حالات التسمم الغذائي المسجلة في أول أيام العيد.
فلكي تدوم فرحة العيد وتكتمل دون أن يعاني جسدنا من اضطرابات صحية أو مشاكل تغذوية ناجمة عن التغير المفاجئ في مواعيد وأساليب تناول الطعام، هناك عدد من الاعتبارات التغذوية التي يؤدي تطبيقها إلى تجنب حدوث هذه المشاكل بسهولة ويسر، منها:
• عدم الإفراط في تناول الحلويات صباح يوم العيد:
تمثل حلويات العيد جزءاً غالياً من تراثنا وعاداتنا العربية الأصيلة، ولكن جميعها أطعمة عالية جداً في محتواها من الدهون والسكريات ومصدر مركّز للطاقة.
يؤدي الإفراط في تناول الحلويات صباح يوم العيد إلى إرباك الجهاز الهضمي وحدوث تلبكات معوية، كما قد يؤدي إلى حدوث إسهال شديد مصحوباً بالعديد من المخاطر الصحية الأخرى. وتتضاعف المخاطر الصحية للإفراط في تناول الحلويات لدى المصابين بكل من داء السكري والسمنة وارتفاع دهون الدم وأمراض القلب والشرايين.
لذا يجب الحذر وعدم تناول كمية كبيرة من هذه الحلويات تحت ضغوط الضيافة والإلحاح والكرم الذي يشتهر به مجتمعنا، وللخروج من مأزق الحرج لعدم تلبية رغبة المضيف يمكن تناول حبة فاكهة أو نصف كوب من عصير الفاكهة بدلاً من تناول هذه الحلويات أو المشروبات الغازية التي تُقدم عند زيارة الأقرباء والأصدقاء.
• احذر التدخين أو شرب الشاي أو القهوة على معدة خاوية:
من العادات السيئة ذات الأثر السلبي على الصحة اعتياد الكثير على بدء يوم العيد بإشعال سيجارة أو احتساء كوب من الشاي أو القهوة على معدة خاوية.
ويضاعف ذلك من المخاطر الصحية الناجمة عن التدخين أو شرب الشاي أو القهوة، فيؤدي إلى اضطراب والتهاب المري والمعدة، كما يؤدي إلى فقدان الشهية وازدياد حموضه المعدة وزيادة ضربات القلب.
ويجب الامتناع تماماً عن هذه العادات السيئة، سواء في أيام العيد أو في غيرها، وخصوصا المصابين بأمراض القلب والشرايين وداء السكري.
• تدرّج في تعويد المعدة على استقبال الطعام في الصباح:
يعتبر تناول إفطار ثقيل في أيام العيد أحد الأخطاء التغذوية الشائعة، فحتى تعتاد المعدة على استقبال الطعام في الصباح يجب البدء بكميات قليلة من الطعام وتصغير حجم الوجبات لتجنب إرباك الجهاز الهضمي وإتاحة الفرصة لعملية هضم مريحة وكاملة.
• تجنب الإفراط في تناول الأغذية الدسمة:
تمثل كل من الأطعمة المقلية والصلصات الدسمة وبعض أنواع البقول ذات القشور السميكة أغذية عَسِرة الهضم. ويجب تجنب الإفراط في تناول هذه الأغذية في أيام عيد الفطر وذلك حتى تستعيد المعدة نمطها المعتاد للعمل في غير أيام رمضان.
لابد من الاعتدال في تناول الدهون عموماً؛ وذلك لما لها من أضرار صحية على الأفراد، سواء كانت هذه الدهون نباتية أو طبيعية، فالسمن الطبيعي يزيد من ارتفاع دهون الدم، مما يعرضنا لتصلب الشرايين. أما السمن النباتي فهو الأكثر خطراً؛ لأنه عبارة عن زيوت مشبعة ترتفع فيها نسبة الأحماض الدهنية غير المشبعة، مما يعرض الجسم لأخطار تحول كل الصور النشطة الفعالة في الزيت من الصورة الطبيعية CIS إلى صورة غير طبيعية Trans، وكذلك لاحتوائها على متبقيات النيكل وهو عنصر سام.
وبالتالي يُنصح بالاكتفاء بتناول كعكة واحدة يومياً لمدة ثلاثة أيام العيد فقط حتى نتجنب أخطار الدهون.
• تناول طعامك في صورة وجبات محددة:
من المفيد جداً البدء في تهيئة الجهاز الهضمي للعودة لاستقبال الطعام على عدة وجبات، إذ يتيح تنظيم مواعيد تناول الطعام للمعدة وباقي أعضاء الجهاز الهضمي فرصة القيام بوظائفها على نحو طبيعي.
كما يجب تجنب الاستمرار في التقاط الطعام طوال اليوم، حيث يؤدي ذلك إلى التهام كميات كبيرة من الطعام دون الشعور، وقد يكون من المفيد أن تكون هذه الوجبات صغيرة على أن يتم زيادتها إلى 4 – 5 وجبات يومية.
• احرص على تطبيق قواعد سلامة الأغذية:
عادة ما يرتفع معدل الإصابة بالإسهال والحمى في أيام العيد نتيجة للإصابة بتسممات غذائية ذات أنواع مختلفة، ومن الضروري الحرص على اختيار مصادر الغذاء الآمنة والموثوق فيها وعدم شراء الوجبات الجاهزة من مصادر غير معروفة.
أما بالنسبة للذين يقضون أيام العيد في رحلات خارج المنزل فيجب عليهم الحذر في تحضير أغذيتهم وعدم تحضير الوجبات قبل موعد تناولها بساعات طويلة مما يجعلها عرضة للفساد.
• عدم المبالغة في تناول الطعام:
لا يوجد بين القواعد الصحية للتغذية حكمة واحدة تصلح لجميع الأعمار وجميع المناسبات أكثر من قول الله تعالى «كلوا واشربوا ولا تسرفوا» فاتباع هذا القول هو السبيل إلى الصحة والسلامة.
قطعة حلو العيد الواحدة كافية بأن تمدنا بـ 200 سعرة حرارية، إذ تحتوي هذه الكعكة على 35% نشويات، و30% سكر، و35% دهون.
وبالتالي فإن تناول بضع قطع حلو يمنح الجسم طاقة تزيد عن احتياجه اليومي بنحو عشر مرات وأكثر، فجسم الإنسان يحتاج إلى 1600 سعرة حرارية يومياً، وتناول عدة قطع حلو يكون كافياً لإمداد الجسم بالطاقة التي يحتاجها طوال اليوم، وبالتالي فإن الإفراط في تناول الكعك يؤدي حتماً إلى البدانة .
• تجنب الخمول:
يجد البعض إجازة العيد فرصة للإفراط في تناول الطعام والراحة والاسترخاء، فيصبح روتينهم خلال إجازة العيد هو الأكل ثم النوم والنوم ثم الأكل… وينتابهم شعور بالكسل والخمول، ويؤدي تناول وجبات كبيرة ودسمة ثم النوم إلى عسر الهضم والتلبك المعوي والانتفاخ.
أما على المدى البعيد فيؤدي ذلك إلى الاعتياد على الخمول والبدانة والسمنة بما يصاحبها من مخاطر صحية كثيرة، لذا فمن الضروري أن يتم تخصيص جزء من إجازة العيد لممارسة أي نشاط رياضي مناسب.
• نصيحة أخيرة:
إذا كنت من عشاق تناول حلو العيد ننصحك بتناول القليل من بذور المحلب بعد تناول الحلو، وهي بذور صغيرة رائحتها عطرية وطعمها يشبه طعم اللوز، يتم جرشها بين الأسنان لتتفاعل مكوناتها في الجهاز الهضمي.
يمكنك أيضا تناول مشروب القرفة بعد الحلو ليحصل الجسم على فوائد مكوناتها المساعدة على الهضم، فضلاً عن فائدة مكونها في زيادة استجابة خلايا الجسم لهرمون الأنسولين، الذي يساعد على حفظ مستوى سكر الدم في وضعه الطبيعي بعد تناول الحلو.
كما ينصح بتناول مشروب الحلبة بصفة منتظمة أيام العيد لتلاشي الآثار الضارة الناتجة عن حلو العيد، حيث تحتوي الحلبة على مادة الجلاكتوفتان التي تخفض مستوى السكر والكوليسترول كما تحتوي على ألياف تمتص الدهون وحمض الاجانيين الذي ينشط الجهاز الهضمي.
إلى جانب مشروب الحلبة لابد من الحرص على تناول الأغذية الغنية ببعض أنواع الألياف قبل تناول الحلو أو بعده مباشرة لتقلل من امتصاص الدهون بالجسم، ومن أمثلة هذه الأغذية: نخالة الحبوب والخضراوات والفاكهة كالبرتقال والجزر وكذلك البقول.