شراء «التموين» للأرز العريض بـ4700 جنيه يدفع الفلاحين لبيعه للتاجر بـ5200

المزارعون يتحدثون لـ «المصرى اليوم»

المزارعون يتحدثون لـ «المصرى اليوم»


تصوير :
محمد السعيد

.smsBoxContainer-v1{
display: block;
text-align: center;
}
#NewsStory .news_SMSBox {

display: inline-block;
height: 50px;
padding: 0 15px;
text-align: center;
overflow: hidden;
border: 1px solid #c5c5c5;
width: auto !important;
margin: 10px auto 0;
background-color: #efefef;
}

.article .news_SMSBox {
margin-top: 45px;
padding: 0 10px;
overflow: hidden;
}

.news_SMSBox > p {
color: #cb0000;
margin-left: 5px;
max-width: 290px;
min-width: 50px;
font-size: 70% !important;
overflow: hidden;
margin: 0;

height: 50px;
line-height: 50px !important;
display: inline-block;
float:right;
}

.news_SMSBox > iframe {
float: none;
width: 275px;
display: inline-block;
height: 49px;
}

اشترك لتصلك أهم الأخبار

قرار وزيرى التموين والزراعة رقم 165 لسنة 2018 بتحديد أسعار الأرز، أصاب الفلاحين بصدمة وغضب لكن لحسن حظهم أنه لم يكن قراراً ملزماً لأى فلاح أو تاجر بتوريد الأرز إلى هيئة السلع التموينية التابعة لوزارة التموين بل كان اختيارياً، خلال موسم تسويق الأرز الشعير الذى بدأ فى منتصف سبتمبر وينتهى فى منتصف نوفمبر المقبل.

ووضع القرار الوزارى ضوابط ومواصفات لاستلام هيئة السلع التموينية لمحصول الأرز بحيث لا تقل درجة نظافته عن 94% وبنسبة رطوبة لا تزيد على 14%، وأن يتم الاستلام عبر لجان بمواقع الاستلام، برئاسة مندوب عن مديرية التموين والتجارة الداخلية المختصة وعضوية مندوب من الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، ومندوب عن مديرية الزراعة المختصة، ومندوب من الجهة المسوقة، ومندوب من الجمعية القبانية.

وتحدث عدد من المزارعين لـ«المصرى اليوم» عن عدم علمهم بالأساس باستلام وزارة التموين للأرز الشعير، مفضلين البيع للتاجر الحر، لأنه يدفع لهم سعراً أعلى من الأسعار التى حددها القرار المشترك للوزيرين، فى ظل اعتبار الفلاحين الأرز محصولاً لا يكسب إلا القليل ومكسبه لا يساوى حتى ولو جزءا ضئيلا من المجهود الذى تم بذله خلال عملية الزراعة.

بين موجات الأعواد الخضراء فى شطر من الأرض، وذرات تراب قشِ يعج بالأشواك فى يوم حصاد فى الشطر الآخر، تجولنا مع رعاة الأرض فى مزارعهم ليحكوا قصة زراعة نبات غذائى رئيسى للمصريين امتدت لمئات السنوات، حكى الفلاحون معاناتهم الشديدة فى كيفية رعاية هذا المحصول وتكلفته الكبيرة، ومشقته المضنية بين السهر ليلا انتظاراً لمياه الرى التى تنقطع لمدد تصل إلى 12 يوماً، وتترقب فى النهار لـ«سرسوب» مياه يحيى نباتاً غذاؤه ودواؤه الماء.

فوق جسر رفيع يحيط بالأرض يمنع الماء من التسرب وتحت شجرة تقيه من حرارة الجو جلس محمد القزاز، فلاح سبعينى العمر، من محافظة كفرالشيخ، تلك البقعة الشهيرة بحقول الأرز ومزارع الأسماك، وهو يتابع أبناءه أثناء تعقبهم لآلة «الكومباين» أثناء حصاده محصول الأرز، سألناه عن مراحل زراعة الأرز فقال: الخطوة الأولى هى تجهيز المشتل حسب المساحة، فالفدان نصيبه قيراط ونصف كمشتل، ونعد البذور و120 كيلوجراما من البذور تكفى فداناً واحداً يتم نثرها فى مشتل تتم رعايته كطفل وليد الساعة لكى ينبت وتتحول أوراقه الورور إلى أعواد صلبة تحمل فوق رأسها سنبلات، ورغم أن المعدل الذى وضعته البحوث الزراعية حوالى 60 كيلو للفدان كتقاوى للمشتل المخصص لمساحة فدان واحد، لكننا نريد شتلة أكثر لزيادة الإنتاج، الشتلات لابد أن توزع بشكل صحيح، فـ«الكِن»- حزمة الأرز بعد شتلها- لو زاد عدد أعواده بشكل مبالغ فيه سيقل الإنتاج لأن الأعواد لن تجد متنفساً للنمو من الازدحام.

وأضاف: المشتل يظل فى الأرض لمدة شهر ويتم توزيعه على كامل مساحة الفدان بعد ذلك، ويتم حرثه وتلويطه وبذره، ثم إعادة توزيع الشتلات فى مساحة الأرض كلها بعد نمو المشتل، ليتكلف الفدان حتى يوم حصاده 4 آلاف جنيه على الأقل، فى حالة إن كنت مالكاً للأرض، أما إذا كنت مستأجراً سيكلفك الفدان حوالى 14 ألف جنيه بعد إضافة 10 آلاف إيجار الفدان فى الموسم، هذه المصروفات تتوزع بين أجرة جرار الحرث، وماكينات الليزر التى تسطح الأرض وتفككها بعد حرثها، لأن الأرض لايجب أن تتخللها مرتفعات ومنخفضات، بالإضافة إلى المبيدات والأسمدة وأنفار نقل الشتلات من المشتل إلى الأرض وأنفار آخرين لشتل الأرز بعد توزيعه فى كامل مسطح الأرض، وثمن السولار لتشغيل ماكينات الرى وصيانتها، وعند الحصاد ندفع أجرة من 500 – 700 جنيه للفدان الواحد لآلة «الكومباين» التى تحصد.

ينشغل القزاز للحظات يعطى فيها تعليمات لأبنائه الذين يباشرون عملية الحصاد أثناء جلوسه معنا، ثم يكمل حديثه بعد نفس عميق: «يا بيه هقول إيه ولا إيه!، نحن نعيش فى موال مع هذه الزراعة التى تتطلب رعاية الأرض بدقة بعد شتل الأرز، حيث نراقب نمو وانتشار الآفات والديدان خلال 8 أيام من إتمام عملية الشتلة، حتى «يصلب» الأرز طوله، ونضع بعد ذلك مبيدات «العفش»، ثم نضع الكيماويات ثم تمر 10 أيام ونضع كيماويات مرة أخرى، نفحص باطن التربة الطينية كل يوم لنستطلع وجود الديدان التى تقضى على النبات لو انتشرت، وعند مرور شهر تتشعب جذور الشتلات فى التربة وهنا تزول مرحلة القلق على الأرز».

يتدخل السيد محمد أحمد، مزارع ستينى، فى النقاش قائلاً: لا يمكن زراعة أى نوع أرز فى أى أرض، فالأمر يتوقف على نسب الملوحة فى التربة ومدى توفر المياه وطبيعة الطقس الصيفى، ففى كفرالشيخ نزرع الأرز صنف 178 جيزة، ذات حبة رفيعة، ويستمر فى الأرض من تاريخ شتله حتى حصاده حوالى مائة يوم، ولا يستهلك مياها كثيرة، ومحصوله من 3 – 3.5 طن، وهناك بعض الأراضى القوية يصل إجمالى محصولها إلى 4 أطنان للفدان وهذه الإنتاجية الكبيرة لا تأتى إلا باعتناء الفلاح بزراعته بشكل كبير من حيث المبيدات والأسمدة ومقاومة الآفات، وهناك أنواع أخرى مثل 104 و101، وبالنسبة للأراضى المالحة يمكن زراعة الأرز فصيلة 104 فيها حيث إنه يتحمل العطش وهو أرز طويل العود، ومحصوله جيد، بينما الأرز صنف 101 يستهلك مياها كثيرة ويستغرق وقتاً طويلاً يصل إلى 130 يوما، ومعظم الأراضى فى كفرالشيخ بها نسبة ملوحة مرتفعة.

عن رأيه فى الأسعار التى حددتها وزارتا الزراعة والتموين لاستلام الأرز بشكل اختيارى، يعبر السيد عن غضبه: 4700 جنيه لطن الأرز عريض الحبة بدرجة نظافة 98%، مبلغ غير عادل، نحن بعنا هذا الصنف بهذه الدرجة بـ 5200 جنيه للتاجر الحر، ومع نهاية الموسم سيصل السعر إلى 6 آلاف، لم نسمع هنا عن أسعار وزارة التموين، ولن يبيع أحد لهم، فالتاجر الحر يأتى إليك فى حقلك ويشترى وينقل الأرز على حسابه، وهناك بعض الأماكن بها تذبذب فى السعر بين الزيادة والانخفاض بمقدار 300 جنيه للطن، لكننا نبيع بأعلى سعر، أو نضطر لتخزين الأرز فى المنزل لحين استقرار سعره، عندما يعرض التاجر الحر أكثر من 5 آلاف جنيه للطن العريض، هذا سعر مناسب، لكن نطمح إلى زيادته بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج.

وبصوت مرهق وعرق يتصبب من جبينه ظهرت آثاره على جلبابه، ترجل مشعل الباسل، مزارع خمسينى، من على جراره الزراعى، وقال: «نحن نحرص على نظافة الأرز وتجفيفه بشكل متميز، لذلك نبيع بأعلى سعر فى السوق، فبعد الحصاد بالكومباين يتم وضع الأرز على مفرش، فى الشمس لكى يجف ويتم تحميصه وتقليبه باستمرار لمدة من 4- 5 أيام لكى يجف تماماً، ولا نضم الأرز إلا بعدما يستوى على عوده لأن الحبوب التى يتم حصادها وهى خضراء عند تجفيفها ينقص وزنها بشكل كبير وهو ما يقلل من المحصول، وكذلك تتكسر عند عملية التبييض، وهو ما يبخس المحصول وهناك أسباب أخرى لهلاك محصول الأرز مثل نقص المياه وعدم الرى فى موعده، وكذلك الرى بالمياه المالحة تفسد الأرز ورش المبيدات بشكل مبالغ فيه أكثر من الجرعات المحددة، والمياه هذا العام جيدة لكنهم يغلقون الترعة لمدة من 12 إلى 16 يوماً فى بعض الأحيان، ويفتحونها 5 أيام فقط، وهو بالتأكيد يؤثر على المحصول بسبب العطش، لدينا شك فى أن العطش الزائد وحرارة الجو المرتفعة أثرت على الإنتاجية هذا العام وأدت لضعفها».

من جانبه يقول محمد عبدالتواب، أحد المزارعين الشباب من محافظة الدقهلية: المفترض أن يتابعنا الإرشاد الزراعى لكننا لا نراه، ولو هناك مشكلة فى الأرض أو المحصول نتجه لمحل المبيدات الذى يديره مهندس زراعى وأشرح له الحالة فيعطينى الدواء المناسب، وملوحة الأرض بسبب اقترابها من البحر المتوسط هى أكبر المشكلات التى تواجهنا فى مهنة الفلاحة لا نستطيع زراعة سوى الأرز وبعض القطن، وعلى الدولة أن تحدد زراعة نصف الأرض على الأقل بدلاً من 30%».

Leave a Reply