وثائق عمرها ٩٣ عاماً لالتماس من عباس أفندى حسين لزيادة راتبه

وثائق

وثائق


تصوير :
المصري اليوم

.smsBoxContainer-v1{
display: block;
text-align: center;
}
#NewsStory .news_SMSBox {

display: inline-block;
height: 50px;
padding: 0 15px;
text-align: center;
overflow: hidden;
border: 1px solid #c5c5c5;
width: auto !important;
margin: 10px auto 0;
background-color: #efefef;
}

.article .news_SMSBox {
margin-top: 45px;
padding: 0 10px;
overflow: hidden;
}

.news_SMSBox > p {
color: #cb0000;
margin-left: 5px;
max-width: 290px;
min-width: 50px;
font-size: 70% !important;
overflow: hidden;
margin: 0;

height: 50px;
line-height: 50px !important;
display: inline-block;
float:right;
}

.news_SMSBox > iframe {
float: none;
width: 275px;
display: inline-block;
height: 49px;
}

اشترك لتصلك أهم الأخبار

استحضرت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الولايات المتحدة وحضوره جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة قراءة واهتمام المعنيين بتاريخ ومستقبل العلاقات المصرية – الأمريكية والتى يعود تاريخها إلى عام 1832 وفى المقابل تقفز للذاكرة واقعة منسية لأمين محفوظاتنا فى واشنطن وكان وزير خارجية مصر فى ذلك التوقيت (فبراير 1925) هو أحمد باشا زيوار، ومثلما ذكرنا فإن العلاقات المصرية الأمريكية يعود تاريخها إلى العام 1832، وهو العام الذى استضافت فيه مدينة الإسكندرية أول «قونصلاتو أمريكانى» بمصر ثم تلتها مباشرة القاهرة ومن بعدهما الأقصر وأسيوط؛ فى المقابل بدأت مصر فى افتتاح مكاتب تمثيل دبلوماسى متكاملة لها بالولايات المتحدة منذ بدايات القرن العشرين وتوزعت على العديد من المدن الأمريكية ذات الأهمية الخاصة وعلى رأسها نيويورك وسان فرانسيسكو وواشنطن التى تواجدت بها البعثة المصرية الأكبر برئاسة وزير مفوض وهى بعينها المفوضية التى تنفرد «المصرى اليوم» باستدعاء وعرض بعض الوثائق النادرة الصادرة عنها قبل أكثر من 93 عاما، حيث يعود تاريخ تحريرها إلى فبراير 1925، كما هو مدون فوق أوراقها التى تحمل شكوى طريفة من أمين محفوظات المفوضية المنقول حديثا.. عباس أفندى حسين.

كان عباس أفندى حسين من الموظفين النشطاء فى الخارجية المصرية منذ العقد الأول للقرن العشرين وعاصر فى خدمته بأروقة نظارة الخارجية حكام مصر منذ عهد الخديو عباس حلمى كما تنقل بحكم طبيعة عمله كأمين للمحفوظات بين عدد كبير من دول العالم وبخاصة فى أوروبا الغربية التى كانت محطته الأخيرة فيها هى برلين لينتقل بعدها مباشرة مع غروب شمس عام 1924 إلى مفوضية مصر العامة الكبرى بواشنطن ولأن الحياة فى أوروبا حينذاك كانت مفرطة الرخص فقد أحس الرجل بصدمة كبرى عندما انتقل إلى الولايات المتحدة، حيث كانت أسعار الاحتياجات الحياتية العادية تقارب ضعف الأسعار الأوروبية وهو ما دفع بطل قصتنا لأن يرفع شكوى إلى رئيسه المباشر الجديد وهو وزيرنا المفوض بواشنطن طالبا فيها زيادة راتبه، لأن المعيشة – طبقا لما كتبه نصا – «غالية جدا فى أمريكا!»؛ كما تعرض لمشكلة ثانية فرعية تتعلق بحقوق مالية له خاصة بتكلفة نقل أثاثه من برلين إلى واشنطن.

الخطاب الشكوى المكتوب باليد على ورقتين من أوراق المفوضية الرسمية، يحمل الكثير من التفاصيل والطرائف التى نتنقل معكم بين بعض ما جاء بها مثل ما يترجم للأسعار فى أمريكا ومرتبات الدبلوماسيين حينذاك وكذلك قيمة الجنيه المصرى وقوته وقدرته الشرائية على سبيل المثال يقول حسين (عند وصولى إلى واشنطن كنت مضطرا بطبيعة الحال بالسكن فى أحد الفنادق إلى أن أجد محلا للسكن لى وقد بحثت أولا عن غرفة مفروشة فلم أجد أقل من 180 دولارا إيجارا شهريا للسكن والأكل والشرب ما عدا الغسيل والمكوى وخلافه)… إذن بطلنا يجأر بالشكوى والاستغاثة لأن الـ180 دولارا المطلوب دفعها السكن كل شهر – أى ستة دولارات فى اليوم – يشكو لأن هذه القيمة لا تغطى مع السكن سوى الطعام والشراب ولكنها لا تشمل تكلفة الغسيل والمكوى وهو ما دفعه إلى التفكير فى تأجير سكن غير مفروش على أن يشترى هو الأثاثات الضرورية المطلوبة ودعونا نقرأ معا ما كتبه فى هذا الشأن (وبما أن هذا المبلغ – أى المائة وثمانين دولارا – يفوق مرتبى اضطررت للبحث عن سكن خال وشراء الأثاثات الضرورية، وفعلا وجدت سكنا يحتوى على غرفتين فقط إيجاره الشهرى 75 دولارا أى 16 جنيها تقريبا) !!، ها نحن نوثق من خلال وثيقتنا النادرة الطريفة ونسترجع أسعار العملة المصرية قبل قرن من الزمان حيث نكتشف أن سعر الدولار فى قلب العاصمة الأمريكية لم يكن يتجاوز 27 قرشا!.. الأطرف من ذلك هو تصميم حسين على سوء الأوضاع حيث يقول (وأخبر سعادتكم بكل أسف أن النقود التى أحضرتها معى ومرتبى الشهرى الذى قبضته من خزينة السفارة لم تكن كافية لسد النفقات الضرورية لشدة الغلاء)، وقد كانت كل هذه التفاصيل والمقدمة الطويلة هى المدخل الطبيعى ليصل الرجل إلى مقصده النهائى ويطالب بأمنيته وحلمه وهو تعديل مرتبه وإنصافه حتى يمكنه العيش فى هذه البلاد شديدة الغلاء فكتب قائلا (وبما أن مرتبى الحالى لا يكفى بالمرة للمعيشة هنا فى واشنطن وخوفا من وقوعى فى شدة لا أقدر عليها لذلك التمس من سعادتكم مخابرة الوزارة فى تعديل مرتبى بنسبة تكفل لى المعيشة أنا وعائلتى حتى أتمكن من المحافظة على كرامتى وكرامة الحكومة فى آن واحد).

بعيدا عن مطلبه الشخصى وحقه الخاص فإن بطل حلقتنا يقدم نموذجا رائعا للدبلوماسية المصرية حيث يدق جرس الإنذار إلى أن أى خلل فى مظهره ومعيشته لن تتم ترجمته من المجتمع الأمريكى باعتباره شأن شخصى بل سوف يتم التعامل معه باعتباره كرامة دولة قصر أحد أعضاء بعثتها الدبلوماسية فى تقديم نفسه ودولته.

Leave a Reply