«إحياء مسار العائلة المقدسة»: «قبلة حياة» للسياحة الدينية

وزير السياحة خلال لقائه القيادات الدينية بالفاتيكان

وزير السياحة خلال لقائه القيادات الدينية بالفاتيكان


تصوير :
المصري اليوم

«قداسة بابا الفاتيكان يبارك أيقونة رحلة العائلة المقدسة إلى مصر»، خبر أو جملة قد يقرأها البعض بشكل عادى، ويمر عليها آخرون مرور الكرام، لكن هذه المباركة لم تأت بالشكل الذى قد يتصوره البعض، فقد حارب وكافح من أجل هذه المباركة رجال مخلصون لمصر، ولم يكن كفاحهم منذ فترة وجيزة بل امتد لعشرات السنين، المهم أن الهدف قد تحقق فى النهاية وخير المباركة سيعم على الجميع إن أحسنّا العمل وكافحنا من أجل جنى الثمار.

هذه المباركة جاءت عقب استقبال قداسة البابا وفداً مصرياً رفيع المستوى برئاسة وزير السياحة، يحيى راشد، الذى بذل جهدا كبيرا يحسب له، وفى كلمته للوفد فى الفاتيكان قال البابا: أتذكر بمودة «الزيارة الرسولية» لأرض مصر الطيبة ولشعبها الكريم، الأرض المباركة عبر العصور بدم الشهداء والتى عاش فوقها القديس يوسف والعذراء مريم والطفل يسوع والكثير من الأنبياء.

■ ■ ■

قال المهندس سمير مترى جيد، خبير توظيف التكنولوجيا فى تعظيم المنتج المصرى، صاحب فكرة مشروع رحلة العائلة المقدسة لمصر بمزاراتها المتعددة، إن ما دفعه إلى الاهتمام برحلة العائلة المقدسة، هو ما سيقدمه استغلال هذه الرحلة فى دفع عجلة الاقتصاد المصرى عن طريق تنشيط السياحة الدينية.

وأضاف لـ«المصرى اليوم» أن فكرة المشروع تتضمن إحياء مسار الرحلة من شمال سيناء وحتى أسيوط، وأنه طرح الفكرة على 4 وزراء سياحة هم الدكتور ممدوح البلتاجى، والمهندس أحمد المغربى، وزهير جرانة، ومنير فخرى عبدالنور، لتنفيذها وحظيت بإشادتهم لكنها لم تحظ بالتنفيذ.

وأشار إلى أنه رغم إجرائه دراسة جدوى للمشروع بجامعة القاهرة، وهى الدراسة التى أبدت فرنسا رغبتها فى تمويل تنفيذها إلا أن الحديث عنها تلاشى مع اندلاع ثورة 25 يناير، وبعد فترة أعاد طرح الفكرة من جديد على وزير السياحة فى ذلك الوقت ورئيس جهاز تنمية السياحة وكان «الرف» هو مكان المشروع والدراسة -حسب وصفه.

وأضاف: «خلال الأيام الأخيرة بدأت تلوح فى الأفق بادرة أمل، بعد أن بدأت الدولة متمثلة فى وزارة السياحة بالاتصال ببابا الفاتيكان والكنيسة الروسية لتشجيع المشروع، وتخيلت أننى سأكون فى مقدمة المتحدثين فى هذا الشأن، لكن ما حدث كان صدمة لى إذ تجاهلنى الجميع وتحدثوا عن الفكرة ولم يذكر أحد أننى الأب الروحى لهذا المشروع».

وأوضح أن إحياء هذا الطريق سيعود بالخير على مصر، وسيؤدى إلى التوافق بين عنصرى الأمة، حيث إن العامل المشترك والشخصية المهمة فى هذه الرحلة هى العذراء مريم، وهى الوحيدة المكرمة فى القرآن الكريم، بالإضافة إلى مركزها المرموق كأعظم سيدة فى العالم بالنسبة للمسيحيين، والعمل على هذه الجزئية سيخدم وبقوة فكرة المشروع.

وتابع: «بدأت تتبلور هذه الفكرة منذ سنة 2000، عند زيارة قداسة بابا روما يوحنا بولس الثانى، فى ذلك الوقت لمصر، وهى الزيارة التى قال فيها كلمته الشهيرة (جئت أحج لمصر، معتمداً على زيارة العائلة المقدسة لمصر)، ومنذ ذلك الحين بدأت متابعتى لتفعيل مشروع السياحة الدينية المسيحية رحلة العائلة المقدسة» ومازلت أتابعها إلى الآن، وألتقيت عددًا من المسؤولين بداية من وزير السياحة الراحل الدكتور ممدوح البلتاجى، والمهندس أحمد المغربى، وزهير جرانة، ومنير فخرى عبدالنور، بالإضافة إلى نشر ما يزيد على 20 مقالا صحفيا فى الجرائد ووسائل الإعلام المختلفة، لتوضيح أهمية العائد المادى من منتج سياحى لم نتطرق إليه إلى الآن، ولا تنافسنا فيه أى دولة أخرى فى العالم، لافتًا إلى أن عائد تنفيذ المشروع سينافس عائدات قناة السويس.

وأردف «جيد»: فى الآونة الأخيرة ظهر على السطح جدل شديد حول السياحة بمصر، وقد تناولت وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمرئية والمسموعة ما أثارته التيارات المتطرفة عن ضرورة وضع قيود على السياحة والسائحين بحجة الرجوع إلى الشريعة الإسلامية وما تتضمنه من تحريم لمظاهر وأسلوب السياحة بمصر، وقد أثار هذا الجدل حفيظة القائمين على النشاط السياحى بمصر حيث إن هذا الحديث من شأنه أن يقلل أحد أهم مصادر الدخل القومى للبلاد.

ونظراً لاهتمامى بالنشاط السياحى، وما يمكن أن يحدثه من تغيير فى خريطة الدخل القومى لمصر، ومن خلال جولاتى ورحلاتى فى أنحاء العالم، رأيت أنه يحب التفكير فى حلول بديلة سريعة إلى أن يستقر الوضع وتتضح الصورة لما قد تكون عليه الخريطة السياحية، وكذلك وجود حلول طويلة المدى لاستمرارية ضمان الدخل السياحى ومن أهمها السياحة الدينية المعتمدة على رحلة العائلة المقدسة لمصر.

وتابع: «أخذت على عاتقى منذ أكثر من عشر سنوات وضع السياحة الدينية على خريطة السياحة المصرية، وأعتقد أنه وفى ظل الظروف الحالية التى تمر بها البلاد من حراك سياسى ومجتمعى، قد آن الأوان لوضع جميع الدراسات والأفكار الخاصة بالسياحة الدينية موضع التنفيذ حتى نتدارك وبسرعة الانهيار الذى يمكن أن يحدث لهذا القطاع وتأثيره السلبى على الدخل القومى وعلى القطاع الذى يعمل به مئات الآلاف، مع العلم بأن السياحة الدينية فى مصر تنقسم إلى سياحة دينية إسلامية، وتتضمن مسار ومراقد آل البيت الكرام بمصر الإمام الحسين، السيدة زينب، السيدة نفيسة، السيدة سكينة، السيدة عائشة، رضى الله عنهم، إلا أن هذه السياحة لا تستطيع أن تقف فى وضع مقارنة مع سياحة رحلة الحج والعمرة للمملكة العربية السعودية، حيث ولد وعاش النبى محمد صلى الله عليه وسلم».

وأضاف أن السياحة الدينية اليهودية والسياحة الدينية المسيحية، من العناصر المهمة أيضًا، وتتمثل فى انفراد مصر برحلة العائلة المقدسة على أراضيها دون أى دولة مجاورة كما جاء فى «إنجيل متى»: «وظهر الملاك ليوسف وقال له: «خذ الطفل وأمه واهرب إلى مصر» والفرق كبير حيث إن الهروب يعنى الهجرة إلى مصر من الاضطهاد ومحاولة قتله ضمن أطفال بيت لحم، مما يثبت أنه لا ينازعنا فى هذا سوى مدينة بيت لحم بالأراضى الفلسطينية المحتلة.

وإذا رجعنا إلى تاريخ موسى، عليه السلام، والمسيح عيسى ابن مريم فإن نيل مصر هو الوسيلة الوحيدة التى اختارها الله لنجاة موسى من بطش فرعون ومصر هى التى اختارها الله لنجاة السيد المسيح من بطش الرومان أثناء رحلة العائلة إلى الصعيد، حيث إن مريم العذراء والمسيح انتقلا بين ربوع مصر وكان انتقالهما على حمار، كما تم استخدام النيل الذى تبارك باستخدامه للعائلة المقدسة للانتقال من شمال مصر إلى جنوبها نهاية إلى دير المحرق فى أسيوط وهى أول كنيسة عرفها العالم وأقامت العائلة المقدسة بها أكثر من 6 أشهر.. وفى هذا السياق، من الممكن أيضاً أن نرصد بعض التجارب الناجحة على المستوى العالمى والذى اعتمد على السياحة الدينية وهى لا ترقى للسياحة الدينية فى مصر منذ أكثر من 2000 عام. واختتم «جيد»: «تركيا مثلًا اهتمت باستثمار قصة وهمية بأن العذراء مريم تنيحت فى أحد المنازل فى مدينة أزمير وهى قصة خيالية ولا أساس لها من الصحة، وأعلنت فى برامجها السياحية زيارة هذا المنزل، وأقامت حوله عدة مشروعات مرتبطة بالموقع ويزوره الآلاف كل عام».

Leave a Reply