يحكي أحد الدعاة القصة قائلاً : كان هناك رجل عليه دين، وذات يوم طرق عليه صاحب الدين باب منزله، ففتح الباب احد ابناء الرجل فاندفع بدون سلام ولا احترام وامسك بصاحب الدار وصرخ به قائلاً : اتق الله وسدد ما عليك من الديون فقد صبرت عليك أكثر من اللازم وقد نفذ صبري ماذا تراني فاعل بك ؟ تدخل الابن والدموع تملئ عينيه وهو يري والده في هذا الموقف وقال للرجل : كم علي والدي من دين ؟ فقال الرجل : أكثر من تسعين ألف ريال، فقال الابن : اترك والدي واسترح وأبشر بالخير، ودخل الشاب الي غرفته وكان قد جمع مبلغاً من المال، يبلغ سبعة وعشرون الف ريال من راتبه ليوم زواجه الذي كان ينتظرة، ولكنه آثر أن يفك ضائقة والده، وذهب وأعطي الرجل هذا المال ووعده أنه سوف يأتيه بالباقي في القريب العاجل إن شاء الله .
أخذ الاب يبكي وطلب من الرجل أن يعيد المال الي ابنه لأنه محتاج له ولا ذنب له في ذلك، ولكن الشاب أصر علي أن يأخذ الرجل المبلغ، وطلب منه عدم التعرض لوالده مرة اخري ابداً، وان يطالبه هو بعد ذلك ببقية المبلغ، ثم تقدم الشاب إلى والده وقبل جبينه وقال يا والدي قدرك أكبر من ذلك المبلغ، ولو كنت أملك كل ما عليك من دين لدفعته له ولا أرى دمعة تسقط من عينيك على لحيتك الطاهرة.
تأثر الاب كثيراً من كلام ابنه واحتضنه واجهش بالبكاء وهو يقبله مردداً : الله يرضي عليك يا بني، ويوفقك في كل امورك، وفي اليوم التالي بينما كان الابن منهمكاً في عمله اليومي، زاره احد الاصدقاء الذين لم يرهم منذ مدة طويلة، وقال له : يا أخي أمس كنت مع أحد كبار رجال الأعمال وطلب مني أن أبحث له عن رجل مخلص وأمين وذو أخلاق عالية ولديه طموح وقدرة علي ادارة العمل، وانا لم اجد افضل منك لهذه الوظيفة، فما رأيك أن نذهب سوياً لتقابله هذا المساء.
تهلل وجه الابن وقال : لعلها دعوة والدي وقد أجابها الله فحمد الله كثيراً , وفي المساء ذهب لمقابلة رجل الاعمال الذي شعر بارتياح شديد تجاهه بمجرد أن رآه وقال : هذا هو الرجل الذي ابحث عنه، وسأله كم راتبك في عملك الحالي، فأخبرة الشاب انه يتقاضي خمسة آلاف ريال، فقال الرجل : اذهب غداً وقدم استقالتك وراتبك خمسة عشر ألف ريال، وعمولة من الأرباح 10% وراتبين بدل سكن وسيارة ، وراتب ستة أشهر تصرف لك لتحسين أوضاعك.
بمجرد أن سمع الشاب كلمات الرجل أخذ يبكي ويقول ابشر بالخير يا والدي، فسأله رجل الاعمال عن سبب بكائة وقوله ، فحكي له ما حدث معه قبل يومين، فأمر رجل الأعمال فوراً بتسديد ديون والده، وكانت محصلة أرباحه من العام الأول لا تقل عن نصف مليون ريال .
الحكمة من القصة : بر الوالدين من أعظم الطاعات وأجل القربات وببرهما تتنزل الرحمات وتنكشف الكربات , فقد قرن الله برهما بالتوحيد فقال تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما .