قال الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، إن مصر كانت الملاذ الآمن للعائلة المقدسة في رحلتها التاريخية قبل ألفى عام، وقدمت الأمان لكثير من الأعراق التي لجأت إليها طلبا للحياة والحرية، وامتزجت على أرضها تلك الثقافات وأفاضت فنًا وإبداعا قائمًا حتى اليوم، مشيرًا إلى أن ثقافة قبول الآخر متأصلة في الشعب المصري وأن رسالة السلام والتعايش هي السمات الأساسية للسياسة الخارجية المصرية، وأن مصر كانت أول دولة عربية توقع معاهدة سلام مع إسرائيل، وحافظت عليها لمدة تقارب الأربعين عامًا، كما شارك الأزهر الشريف أكبر المؤسسات الدينية الإسلامية في حوار ديني ممتد مع الفاتيكان، وعدد من الطوائف الدينية المختلفة حول العالم.
وأضاف «عبدالعال» في كلمته أمام الاتحاد البرلماني الدولي المنعقد في سان بطرسبرج بروسيا: «أنبه إلى أن العالم يحتاج اليوم لصوت العقل ولصوت التعاون بين الشعوب للقضاء على آفة الإرهاب التي أصبحت تهدد جوهر منظومة حقوق الإنسان وهو الحق في الحياة، وقد أحتاج إلى أن أؤكد أن الدين الإسلامي بريء تمامًا من ممارسات تلك الجماعات التي انتسبت زورا لهذا الدين العظيم، وأن الرسالة التي جاء بها رسولنا الكريم هي السلام للعالم أجمع، كما ينظر الإسلام إلى الآخر الديني نظرة المودة والإخوة بل لعلى لا أبالغ لو قلت إن الغالبية العظمى من ضحايا الإرهاب هم من المسلمين أنفسهم».
وتابع: «مصر أعلنت موقفها ضد الإرهاب ورفضت العنف والتطرف، وكانت ثورة 30 يونيو رسالة من المصريين للعالم، وإننا لن نسمح بتقسيم مجتمعنا على أساس ديني أو مذهبي، ونريد أن نحافظ على إرث التعايش المصري، وقد تبلور ذلك في إصدار مجلس النواب المصري لأول قانون لبناء الكنائس وترميمها، كما يقوم الشعب المصري مسلموه ومسيحيوه بالاكتتاب حاليا لبناء كنيسة كبرى في العاصمة الإدارية الجديدة، فضلا عن تحمل الحكومة المصرية تكاليف ترميم معبد الياهو هنبي أقدم كنيس يهودي في مدينة الإسكندرية العاصمة (الكوزموبوليتانية) التاريخية لمدن البحر المتوسط».
وقال: «لا تكتفي مصر بتقديم النموذج للتعايش والتسامح بين أبنائها فحسب، بل إنها تُقدم نموذجًا يُحتذى به في استيعاب أبناء الأقطار المجاورة الذين فروا من بلدانهم هربًا من تفجر الصراعات فيها، فاستقبلتهم مصر واحتضنتهم، وأقاموا بها آمنين في انسجام مع أبناء الشعب المصري الذي لا يعرف كراهية الآخر، والتي بدأت تستشري في بعض الدول الغربية مع تزايد موجات الهجرة إليها».
وأضاف رئيس مجلس النواب في كلمته: «تتزايد أهمية الاجتماعات التي تجمع دعاة الحوار والتعايش بين الثقافات والديانات والأعراق المختلفة من أجل وضع أسس ثابتة للتعايش القائم على احترام الاختلاف والتنوع، فهذا التلاحق بين الأفكار والمعتقدات هو سبب تقدم البشرية ومنبع الإبداع، والانفتاح لا يعنى بالضرورة التخلي عن الثوابت المجتمعية، بل إن الحفاظ على الثوابت والتمسك بالتقاليد والعادات المتوارثة يأتي في صميم الدفاع عن الهوية ويقف صدا منيعا ضد التأثيرات السلبية للعولمة، فالمجتمعات المتحضرة تقبل الاختلاف والتعددية والانفتاح على الثقافات الأخرى وترفض لغة الإملاء أو الضغط بمفاهيم أو أفكار تتعارض مع ثوابتها الدينية والمجتمعية».
ولفت «عبدالعال» إلى أن مصر تقدر الجهود التي تبذلها الحكومة الروسية في عمليات مكافحة الإرهاب وتسعى لبناء جسور الثقة والتواصل بينها وبين الشعوب المحبة للسلام صاحبة المواقف الأصيلة في رفض التطرف والإرهاب، كما يسعى البرلمان المصري للتعاون مع البرلمانات والمؤسسات التي تتبنى قضايا الحوار ومواجهة العنصرية وكراهية الآخر وإشاعة ثقافة السلام والتعايش المشترك.